زواج على فراش الإحتضار
يوليو 21st, 2009 بواسطة Mr. A
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استيقظت مفجوعاً من نومي ففزعت لرؤيتي ممدداً على سريراً ما , والأسلاك والأجهزة تحاصرني من كل جهه .. نظرت حولي فوجدت والدي واقف بقربي وقد أمسك بعصاه التي يتكئ عليها .. استنتجت بأنني في المستشفى ولكن لما أنا هنا ؟؟ .. خاطبت والدي مستفهماً : وش السالفة يا يبه ؟؟ .. وش جابني هنا ؟؟ .. أصبر أصبر لا تقول لي .. أكيد طفرتوا وبعتوا أعضاء من جسمي .. قطع حديثي ضرب والدي لرأسي بعصاه وما هي إلا لحظات فإذا به يقول بنبرة غضب : الحين أنا كم مره قايل لك أن الكلوركس مهوب لبن وما ينحط مع الرز .. هاه ؟؟ .. قل لي كم مره قلت لك ؟؟
وضعت يدي على رأسي من شدة الألم وسألت بفهاوة : ليه يا يبه وش صاير ؟؟ .. أخذ أخي الكبير العصى من والدي وضربني بها هو أيضاً ثم قال : وأنا يا دلخ كم مرة قايل لك إذا شربت كلوركس بالغلط لا تشرب عقبه علبة ديتول تراه ما يعقم جسمك !! .. فقدت الوعي للحظات ثم استيقظت على نداء أخي الأوسط لي : مستر أي , مستر أي , قم يالله .. فتحت عيني بصعوبة ونظرت إليه فإذا به يأخذ العصى من أخي الأخر ويضربني بها .. نظرت إليه وعيناي تكاد تدمع من شدة الألم وقلت وأنا مصدوم من فعلته : ليش ؟! .. جاوبني وهو يعطي والدي العصى فقال : أبد بس حبيت أقول لك أنتبه للكلام اللي قالوه لك تو !!
سألتهم مرةً أخرى لما أنا هنا فأخبروني بأنني قد نقلت للمستشفى وأجري لي غسيل للمعدة بعد أن شربت أحد المنظفات المنزلية بالغلط .. أردت أن أعدل جلستي ولكنني لم أستطع أن أتحرك بسبب الألم الذي أشعر به في بطني وظهري .. نظرت إلى والدي باستغراب ثم قلت له ببراءة بنت كلب ( لا عاد توصف تكفى ) : بطني للحين يوجعني يا يبه .. شكلهم غاسلينه بكلوركس بعد هم و مفركينه تفريك قوي !!
لم البث طويلاً إلا وسريري يعلو وينزل ويتحرك تحركات غريبة .. ألقيت نظره على جانب السرير فوجدت أخي الصغير قد جلس بالقرب من الأزرار وأخذ يتعبث بها وهو يخاطب والدي : يبه يبه .. تكفي أبي زيه , اشتر لي واحد .. قاطعت بثارته قائلاً : أقول بس أهجد لا يخرب وألقاكم بكرة هنا جالسين ترتبون السراير وتصففون المغذيات حقت المستشفى
ودعني والدي وأخوتي والعصى ايضاً ( من قال طقوني ؟ ) .. ثم خرجوا وتركوني لوحدي في تلك الغرفة المخيفه حيث لا يوجد بجانبي سوى كهلً مسكين قد دخل إلى المستشفى بسبب , بسبب , اممم بسبب .. اصبروا دقيقة بالله .. سلامات يالحبيب ما تشوف شر أن شاء الله , شفيك داخل هنا ؟؟ <<— راح يسأله
اتصلت على أخي فور خروجه وطلبت منه أن يجلب لي ملابسي حين حضوره في المرة القادمة .. سكت قليلاً ثم سألني : تبيني أجيب ملابسك من دولابك صح ؟؟ .. تنهدت قائلاً : أيه جب ملابسي من دولابي .. ضحك ثم قال ساخراً : قصدك دولابك اللي معلق فيه صورتك يومك واقف حافي في الحوش وأنت صغير ؟؟ .. معليش يمكن ما أقدر .. ماله داعي تجيني سكته من الضحك على الصورة وأنا فاتح الدولاب .. إلا تعال بالله من زمان ودي أسألك ليه كنت حافي وين نعالك ؟؟ .. ابتسمت بخبث و جاوبته قائلاً : ما سألت نفسك شلون شريت الكاميرا ؟؟ .. المهم بس لا تنسى ملابسي يالله باي جت الممرضة الفلبينية وه <<– الفراغ العاطفي يسوي أكثر
وقفت بصعوبة وبدأت أمشي في الغرفة لأجد الكهل يحاول الوقوف كي يذهب ليتوضأ .. أمسكت بيده وقلت له : خلني أساعدك يا عم .. أمسك بيدي وهو يقول : جزاك الله خير يا ولدي .. إلا وشسمك ؟؟ .. أخبرته بأنني أدعى مستر أي .. توقف عن المشي مدهوشاً وسألني على الفور : أنت مشترك في قروب أبو نواف صح !! .. ابتسمت كنايةً عن الثقل وقلت بصوتٍ مغرور : أيه أنا اللي أكتب في قروب أبو نواف , سم بغيت شي .. أوقع لك مثلاً ؟ .. نظر إلي بإحباط وقال : قهر .. ما عمري قريت لك شي دايم امسح رسايلك .. بصراحة أحب مواضيع الصور أكثر من الكتابة .. بس ولا يهمك الجايات أكثر أن شاء الله <<– عطاني اقرب مخرج
بعد أن لقطت وجهي من أنحاء الغرفة نظرت إليه بحقد وغل وكان بودي أن أرميه مع النافذة .. ولكن حظه كان يكسر الحصى لأنها كانت مسكرة .. انتهى الكهل من الوضوء فأمسكت بيده وعدت به إلى مكانه كي يصلي فسألني حينها عن اتجاه القبلة .. فكرت أدله على اتجاه خطأ وخل مواضيع الصور تنفعه ( حاقد عليه ) .. ولكني تراجعت عن هذا التفكير الأرعن ودللته على الاتجاه الصحيح فقد وعد بأنه سيقرأ مواضيعي في المستقبل .. صح وإلا لا ؟! .. بتقراء وإلا لا ؟؟ .. هاه جاوب بسرعة ! <<– خانقة بالسجادة .
بعد الصلاة أخذنا نتبادل أطراف الحديث .. كلن منا يمد للأخر طرفاً .. عرفت عنه بعض المعلومات وعلمت أيضاً بأنه قد عمل عملية جراحية قبل عدة أيام .. هو بدوره عرف عني الكثير فأثنى علي وعلى عائلتي : ونعم بك يا ( مستر أي ) أصل وفصل .. تراني أعرف عائلتكم زين وأعرف جدك ( مستر شايب ) بعد ! .. لذا تراني بخطبك لبنتي وأتمنى ما تردني .. قل تم .. قل تم !!
وضعت قدمي على الأخرى وخاطبته بتكبر : مهيب مشكلة بسأل عنكم وأن شاء الله أرد لكم في اقرب فرصة .. بس تذكر يا عزيزي الكهل ترى الزواج قسمة ونصيب !! .. ضربني الكهل على رأسي بعصى والدي وقال : قم بس لسريرك وخلني اتسنن وأطلب ربي .. قمت من مكاني وأنا أحك رأسي مستغرباً : وش جاب عصى أبوي هنا ؟؟
ذهبت إلى سريري واضطجعت عليه وسرحت بتفكيري قليلاً وبعد عدت دقائق اتصلت على أخي كي أذكره بأن يجلب ملابسي فإذا بي أسمع بقربه صوتً غريباً سألته : وش هالصوت , صوت دباب صح ؟؟ .. أجابني بتلعثم شديد وقال : لا لا هذا التلفزيون .. قاطعته على الفور : ومن متى عندنا تلفزيون اصلاً !! .. تلعثم مرةً أخرى فقال مصرفاً : المهم أنا مشغول الحين يا مستر أي .. بكلمك العصر بعد ما أطلع من النادي .. بااااي
أقفلت الخط وأنا مذهول من هول ما سمعت .. أخوي عنده دباب وتلفزيون ويروح للنادي بعد !! .. وش السالفة أخوي يوم راح للبقالة مرة جلس يومين يصيح عندنا ويحلم بها في الليل حتى وما غير يقول لنا : تكفوون ودوني للملاهي مره ثانية !
قطع تفكيري دخول عدداً كبير من النساء .. عدلت جلستي ورتبت شعري ومسحت علبة المغذي حتى , في سبيل التميلح أمامهم .. سفهوني غير مبالين واتجهوا نحو الكهل وجلسوا بقربة وقالوا جميعاً : الحمد الله على السلامة يا يبه .. ما تشوف شر أن شاء الله .. يا جعله تكفير يارب , عسى مافيه شي يعورك عقب العملية ؟؟ .. أستنكرت شي توجس شي ؟؟ .. مرت لحظات صمت ثم تسمع أصوات أنين وألم : ايييي .. اااه .. يعور مره .. تعباااان <<— سوري .. لقد كان ذلك صوتي وأنا أتصنع الألم لعلى وعسى يعطوني وجه
أغلقوا الستار وجلسوا مع والدهم وأما أنا فسرحت بالتفكير , لماذا وضعوا الكهل معي في الغرفة وهو قد أجرى عملية جراحية !! .. يا ترى ما السبب .. قطع تفكيري رؤية الكهل وهو يحاول الوقوف كي يذهب ليتوضأ ( كل يومه صلاة ما شاء الله ) .. قمت وأمسكت بيده وأخذته إلى المغسلة فالتفت إلي وقال : لا تغازل بناتي هماه ؟ .. رمقته بنظره تعجب وقلت : تتوقعها مني يا أبو كهل ؟؟ .. المهم بس أنا تو جالس أدور في البلوتوث ولقيت وحده اسمها ( العاشقة الحزينة ) هي وحده من بناتك وإلا عادي أرقمها ؟؟
ضربت بقوة على رأسي بعصى والدي .. نظرت إلى الكهل فوجدته منهمكاً في الوضوء ولم يفهم شيئاً من ما قلته بشأن البلوتوث .. إذاً من ضربني يا ترى ؟! .. يالله مهيب مشكلة أكيد المخرج عاوز كده .. أمسكت بيده عائداً إلى السرير فقلت له ممازحاً : ما شاء الله كل اللي تو بناتك ؟؟ .. على بالي بنتك جايبه معها زميلاتها في الفصل يسلمون عليك .. أبتسم الكهل وقائل : أيه بناتي الله يحفظهم ويخليهم لي .. أنا متزوج اربع .. الزواج زيييين يا وليدي .. على الطاري .. قلت لك أنا تزوج بنتي وإلا لا ؟!
عدت به إلى سريرة ومن ثم ذهبت إلى سريري أنا أيضاً فإذا بي أسمع الكهلة زوجة الكهل ( لا تدققون ) وهي تقول : ما شاء الله على ذا الولد سنع .. عساك خطبته لبنتنا ؟ .. رد عليها زوجها : لا تخافين قلت له اليوم .. سألته زوجته : إلا وشسمه ومنهو ولده ؟؟ .. تعقدت حواجب الكهل وأسود وجهه وبدأ في حك ذقنة كناية عن النسيان ثم قال : تصدقين نسيت وشسمه !
أقتربت أنا من الستار وبدأت أهمس مغششاً إياه : مــســتـر أي .. مـسـتر أي .. أسمي مستر أي من أحفاد مستر شايب ومستر أولد مان .. م س ت ر أ ي .. طيب قل مستر لحالها .. طيب قل مدري وشسمه بس شكله زين .. قل اي شيء وإلا ترى بتتوضأ المرة الجاية لحالك !! .. لم يجدي همسي اي فائدة .. لذا أخذت الورقة التي قد وضعت على سريري والتي تحمل اسمي وأسم الطبيب المعالج والقيتها عليه من خلف الستارة .
سقطت الورقة على صدر الكهل فأمسكها وفتحها وقال : وش ذا الورقة .. يووه مكتوبة بالعربي وأنا ثقافتي أنجليزية .. كورها بيده ورماها على الأرض .. مرت لحظات قليلة فإذا بي ألقي عليه أسطوانة الأكسجين وقد كتبت عليها ( خلي الأنقليزي ينفعك يا كهل قريح !! .. وخر عني أخر ما بيني وبينك !! ) .. للأسف سقطت الأسطوانة بجانب الكهل ولم تصبه .. فأمسكها وهو فرح : جابها الله مير كنك داري إني منكتم وأبي أكسجين .
فتح الأكسجين ووضع الكمامة على فمه وبدأ بالتنفس بينما قامت إحدى بناته بأخذ الورقة التي قد القاها على الأرض وفتحتها .. اقتربت من الستارة مرة أخرى وأنا متحمس وسعابيلي تتقوطر على الأرض كني بزبوز يقطر .. بدأت هي بقراءتها : مـس .. مـس مست مستر .. وش هالخط الشين ما بان الاسم .. يالله مو مشكلة خلونا نقرأ اسم الدكتور .. يوووه تصدقون الدكتور اللي يعالجه هو الدكتور جلال محمد جلال محمد جلال محمود !! .. هذا هو نفس الدكتور اللي سوا العملية لأبوي يا بنات !!
خرجت بإحباط من الغرفة وبت أمشي متكأ ًعلى الجدار من شدة الألم وبدأت أكلم نفسي بنبرة غضب : أما ذا الشياب لا يمكن التنبؤ بم يفعلون صراحة .. يتزوج الواحد منهم على أربع وثلاث ويصف له في البيت عشرين بنت .. وبعدين أي واحد يمد له كاس مويه وهو في مسجد أو يقدمه في سرى مخبز تميس حتى يخطبه لبناته ويقول ما فيه اسنع منه ابد !
وما يدرون إلا يطلع من بكره مدمن مخدرات ومشاكل معهم وفي الأخير يطلق بنتهم ومعها ثلاث عيال .. ويقولون ليه نسبة الطلاق زادت عندنا بعد .. طبعاً هذا كوم و حركات بعض العجز في كوم ثاني .. تلقاها ضايعة عبايتها في عرس وأبد أي بنت تجي تدور معها على طول تمسكها على جمب وتأخذ أسمها ومن بكره تخطبها لولدها وتقول ما فيه اسنع منها .. وبعد كم شهر ما تدري إلا محرضة الولد عليها أو تصير تطقها حتى والعياذ بالله .
متى الناس تدرك ويجيها وعي كامل بهالأمور .. متى الناس تقدر أن الارتباط مهوب سهل للدرجة ذي .. صحيح يسمون الزواج القفص الذهبي بس مهوب معناة هالكلام أننا زي الكناري أي اثنين ينحطون مع بعض خلاص تمشي أمورهم .. أووف بس , أحسن شيء أن الواحد يتوكل على الله ويزوج بناته للي يوديه يتوضأ وهو في المستشفى منوم .. وحبذا لو يكون راسه مثلث <<—- ياخي قل أنا وخلاص
* * *
نزلت إلى الدور الأول واتجهت إلى كشكً صغير .. أقبلت على الكشك وأنا أترنح وأعرج من شدة التعب والألم وملابسي شبه عارية ( لا تفهمون غلط المستشفى ملبسيني كذا أنا مالي دخل ) .. وقفت أمام الكشك فإذا بصاحبة يفتح الدرج ويخرج خمسة ريالاتٍ وبمدها لي وهو يقول : خود ديه وربنا يفتح عليك ويعوضك عن اللي فاتك .. خود ما تتكسفش .. نظرت إليه بتعجب ومن ثم رددت المبلغ بيدي وأنا اقول : لا لا الله يعافيك .. أنت فاهمني غلط ترى !!
أدخل البائع المبلغ في الدرج وهو يقول : ليييه بس .. ما تخلي يا بيه .. عموماً طالما مش عايز فلوس يبئ اكيد عايز تأكل .. أدخل يده في الدرج لوهله ثم أخرج منها سندويتش فلافل قد لفت في جريدة , مدها إلي وقال : خود دي عليك بالعافية ولو عاوز تشرب حاقه معاها فيه برادة ميّه في السيب اللي هنا .. انا بروح اكل عندها كتير .. روح هناك ما تتكسفش .. روح روح
رددت السندويتش بيدي وقلت باستهجان : يا حبيبي افهمني .. أنا ما جيت أخذ منك شيء .. قطع البائع كلامي وقال بفهاوة : اهاااا أكيد أنت من النوع اللي بيحب يشتغل عشان يأخذ الفلوس ! .. أدخل يده في الدرج لوهله ثم أخرج منها مكنسة واستطرد قائلاً : اكنس اللي ئدام المحل وأرجع لي أديك أقرتك !! .. ضربت الطاولة بيدي وقلت بغضب : يا أخي أسمعني .. أنا جاي اشتري منك وش فيك أنت كذا !! .. بدأ البائع في حك شعر رأسه بدلاخة ثم قال : معليش العتب على النزر .. محسوبك ( عبدوه بئالة ) وأنا الكل في الكل في المستشفى ديه !!
ما أن انتهى جملته إلا وأحد المارين يناديه : يا عبدووه .. ما تنساش تغسل العربية وتلمعها كوبس .. نظر إلي وهو طابح وجهه وقال مرقعاً : ده الدكتور مرسي , بيحب يهزر كتير معايه .. لم يكد كمل جملته ايضاً إلا والدكتور مرسي يصرخ من بعيد قائلاً : يا عبدوه ما تنساش تغسل عربية الدكتور حسنين بعد ما تغسل عربيتي كمان !!
نظرت إليه وقلت بابتسامة عريضة : واضح انك تغسل سيارات الكل في المستشفى ذي .. ضحك عبدوه مسلكاً لي على أمل أني سوف أشتري منه وقال : لا مؤخزه يعني .. الأخ قاي للمستشفى ليه ؟؟ , زيارة وإلا عمل وإلا قاي عامل نفسك مريض ؟؟ .. تنهدت : أبد أنا بس جاي عشان غسيل معدة .. اغلق عبدوه عينيه ووضع يده على فمه وقال بازدراء : يوووه دا بيوقع أوي أوي .. الله يكون في عونك يا شيخ .. أغلق عبدوه الكشك وأمسك بيدي وقال : ما تيقي نتمشى ونشرب زقارة .. خاطبته قائلاً : بس أنا ما أدخن يا أستاذ عبدوه .. ضحك عبدوه وقائل وهو يشعل سيقارته : الله اكبر .. ينصر دينك يا عم .. تسدئ بالله من بعد حرب 3 أكتوبر ما سمعتش حد بينده لي ( استاز عبدوه ) .. قاطعته متفلسفاً : قصدك حرب 6 أكتوبر .. المهم ليه ولعت الزقاره هنا وحنا ما بعد طلعنا من المستشفى ؟! .. مهوب ممنوع ؟!
ضحك وقال بتهكم : يا عم مافيش حاقه أسمها نزام عندكم هنا في السعودية .. لما تروح للمطعم بتحصل الناس بتطفي السقاير في اليفطه بتاعت ممنوع التدخين .. ولو أتكلمت هيؤل لك ( هوه بيت أبوك ؟؟ ) .. وما تروحشي بعيد حتى هنا في المستشفى النزام مضروب .. تخيل أنا صار لي دلوئتي عشر سنين بشتغل هنا وطول عمري بدخن قوا المستشفى ومحدش ئال لي حاقه
وعشان تكون في الصورة كمان .. مرة وأنا خارق من المستشفى حصلت على إزازة عربيتي ورئة .. ئلت في نفسي أكيد الورئه دي برشور للعسيم .. بعدين ئلت لالالا مش معئولة برضو العسيم يوصل لهنا .. فقأه لعب الشيطان في عبي فرحت ئايل في نفسي , أكيد واحد عاوز يشتري العربية بتعتي وكتب لي عليها ورئة ( تسمح تبيعني العربية يا عبدوه ؟ ) .. قاطعته مستذئباً : ما شاء الله ويعرف اسمك بعد ؟ .. ضحك وسلك لي قائلاً : اااه .. ولو دنا عبدوه بئالة والأقر على الله .. أصلي أنا الكل في الكل هنا بعيد عنك
ضربته على كتفه وأنا أمازحه : أقول بس كمل كمل لا يناديك واحد تغسل سيارته الحين بعد .. أبتسم وأستطرد : مالكش بالطويلة يا طويل العمر .. المهم لما وصلت للعربية طلعت الورئة مخالفة عشان كونت راكن غلط في الموئف ! .. شوفت السذاقه ازاي !! .. وضعت يدي على صدري وقلت له فازعاً ومتزهلاً : إذا ناقصك فلوس يا أخ عبدوه أو محتاج شيء أو تبي أحد يسدد عنك المخالفة ياليت ما تتردد تقول لي .. تراني اعرف لك إشارة دايم مزحومه لو تبي تشحذ عندها وإلا شيء
أقري يا له من هنا , أقري أقري , أقري ئبل ما اضربك .. تفوه عبدوه غاضباً بتلك الكلمات وهو يرجفني بقدمه .. سقطت و سعابيلي على الأرض ولم تمضي ثواني إلا وعامل النظافة يحملني عن الأرض كي يمسح ما سببته من قذارة وتلوث عليها . وقفت بصعوبة وبدأت أمعن النظر في الممر فإذا بي أجد بأن أغلب الماره والموظفين هم من الأجانب .. خاطبت عبدوه حائراً : ما تحس يا عبدوه أننا جالسين نمشي في سفارة مهوب في مستشفى !!
بدأ عبدوه في المشي وهو يقول : ئلت لك ئبل شويه ما فيش نزام .. أغلب الدكاتره السعوديين فاتحيين لهم عيادات خارقية برى المستشفى وأي حد يقي يكون ما بين خيارين .. يا يروح لعند الدكتور في العيادة اللي برى عشان يكمل المرقعات بتعته أو ينتظر سنة وشوية لحد ما يقي موعده هنا في المستشفى !!
قطع حديث عبدوه مرورنا بقرب امرأة عجوز كانت قد جلست على كرسي وهي تبكي .. نظرت إلي عبدوه وأنا في حيرةً من أمري منتظراً منه التفسير لذلك .. توقفنا عن المشي والقى عبدوه سيقارته على الأرض وخاطبني وهو يفرغ غضبه بإطفاء السيقارة في الأرض : ديه يا طويل العمر صار لها يومين وهي هنا ومش راضية تتحرك أو تكلم حد حتى .. قبها ابنها عشان عندها موعد عند الدكتور ولما قلست في كرسي الأنتظار سبها وراح ولحد دلوئتي وهي بتستنى !!
احتضنت عبدوه لا إرادياً ومسحت دمعتي في قميصه فإذا به يدفعني بعيداً عنه وهو يقول : إحنا بنصور فلم هندي ياله ؟! .. غور في ستين دهيه يالله .. استجمعت قواي ومسحت دموعي بطرف كمي وأنا اقول : يا خاين يا غدار .. طلقني طلقني .. وأخذت أركض كالمجنون في اسياب المستشفى إلى أن اصطدمت بأحدهم ووقع كلانا على الأرض
قام الرجل وبدا ينفض ثوبه وهو يقول لي : ما تشوف يا أخ !! .. وقفت أنا بدوري وبدأت أنظف الأرض من بعد وقوعي عليها وأنا اقول : معليش ما انتبهت لك .. أقترب مني وأخذ يدقق النظر في وجهي ثم قال : أنت مستر أي صح ؟؟ .. أنكأت على الجدار وبدأت حالة الغرور التي انتابتني مع الكهل تعود لي .. ثم فجأةً تغيرت ملاح وجهي صرخت في وجهه : أصبر أصبر .. لا تقول لي أنك تمسح مواضيعي بعد أنت !!!
ابتسم وأخرج ورقة من جيبيه وقال : لا لا .. أنا محمد صاحب شركات عقارية كبيرة هنا في الرياض .. أحب أشكرك على تبرعك للوالد بكليتك وترى المبلغ حولته لأهلك أمس .. تفضل هذا الكرت حقي لو تبي شيء كلمني .. أخذت الكرت وأنا مصدوم وبدأت أسترجع ما حصل لي ..
عرفت الآن من أين أتى أخي بالدباب والتلفاز واشتراك النادي .. وعرفت سبب وضعي في قسم الجراحة مع الكهل واشتراكنا بنفس الطبيب المعالج .. فقدت التوازن وسقطت على الأرض .. فتحت عيني محاولاً النهوض فرأيت عامل النظافة وهو قادماً نحوي كي يمسح الأرض .. أغلقت عيني وأغمي علي
استيقظت على صراخ عالي .. نظرت من حولي فوجدت نفسي قد نومت في قسم النساء والولادة والأطفال من حولي في بكاءً مستمر .. بدأت بالصراخ معهم وأنا اسأل نفسي , يا ترى ماذا أخذ مني هذه المرة ؟؟
مواضيع عشوائية :